ازمة لبنانالاحدث

سنة على اغتيال المدينة (١٩): كي لا ينسوا هم | بقلم حسّان خضر

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

“الوطن الذي يسكنه النسيان تكثر فيه الجرائم”

نعم، ذكروهم كي لا ينسوا ، هم …وليس نحن

في الذكرى السنوية الأولى لتفجير مرفأ بيروت

من البديهي ألا تنسى الأم فلذة كبدها الذي خسرته في انفجار 4 آب 2020

ولن ينسى الأب ابنه

ولن ينسى الولد والده أو أمه

ولا الأخت أخيها …

ولن ينسى من تشوه أو أصابته عاهة نتيجة الانفجار

ولن ينسى الأهل أبناءهم اللذين لا زالوا مفقودين تحت الأنقاض

ولا الذين خسروا منازلهم وأملاكهم وجنى عمرهم

لن ينسى كل شريف على تراب هذا الوطن ما أصاب عاصمتنا بيروت من جرح امتد ألمه على كامل جسم الوطن.

رجاءً، لا تخرجوا أفلاماً قصيرة، ولا تصوروا فيديوهات، ولا تضعوا إعلاناتكم على شاشات التلفزيونات، ولا تكتبوا مقالات وتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي، ولا تتحدثوا في كل ذلك وعما حصل تحت عنوان: ” كي لا ننسى”.

طبعاً، ومن المؤكد ألف مرة، بأننا لن ننسى ….

حري بكم أن توجهوا مقالاتكم ويافطاتكم وعناوين أخباركم وصحفكم وأقلامكم وأفلامكم …ليس لنا… بل لهم هم… وهم وحدهم فقط دون غيرهم.

وجهوا كلامكم لهم، والعنوا الذين اقترفت أيديهم إثم الرابع من آب 2020

ارفعوا أصواتكم وحناجركم في وجه من سكت ولا زال ساكتاً عن جريمة العصر

صوروا إعلاناتكم واكتبوا يافطاتكم وازرعوها أمام بيوت وفلل القتلة المعروفين لديكم فرداً فرداً

وجهوا أصابعكم ودلوا عليها لأنهم لا يتذكرون

هم الذين نسوا ما حدث وسوف يستمروا في النسيان

هم الذين صمتوا عن الحق والحقيقية وسوف يستمرون في صمتهم

أما نحن… فلن ننسى يوماً

ولن نسامح أبداً …ولن نغفر

هناك ألف قصة وقصة سمعناها بعد الانفجار الزلزال الآثم، ولا زال هناك آلاف من القصص المدفونة في الصدور والقلوب لم تُحكَ بعد.

ملايين من الدموع ذُرفت ولا زالت تُذرف، وهناك الملايين منها لا زالت في المحاجر والعيون.

ألف غصة وغصة كُبتت في الصدور ولم تخرج احترماً لمشاعر الضحايا والأبطال كي لا تزعجهم في قبورهم.

احتراماً لمشاعر الأمهات والآباء والابناء والاخوة والاخوات، ذكروهم …هم …فقط هم… وهم وحدهم، مع كل إطلالة فجر كي لا ينسوا …هم.

ذكروهم بأن الدم غالي، وبأن الدمع ثمين، وبأن الجروح لم تندمل بعد، وبأن حياة الأبرياء لهي أهم وأصفى وأنقى وأطهر من حياة المجرمين.

ذكروهم كي لا يهنأ لهم عيش، ولا تقر لهم أعين،

ذكروهم كي لا يستريحوا في أسرتهم وبيوتهم ومع عيالهم وهناك دماء لم تجف بعد وعيون لا زالت تنتظر فلذات أكبادها.

يقال بأن النسيان نعمة، ولكن في هذا الحال النسيان جريمة شنعاء، جريمة بحق الضحايا الأبرياء، وجريمة بحق الأهل والأحباء وبحق الوطن بأسره.

لا الوطن سيغفر للقتلة المجرمين، ولا التاريخ سيرحم من داس على دماء الضحايا والأبرياء

النسيان من شيمتكم وليس من شيمنا

النسيان أخفى جرائمكم ولم يخفِ أوجاعها

النسيان عطل عقولكم وقلوبكم ولكنه لم يجفف حبنا لهذا الوطن

وأخيراً نقول: “الوطن الذي يسكنه النسيان تكثر فيه الجرائم”

لمن فاتته متابعة الأجزاء السابقة:

حسّان خضر، باحث وكاتب لبناني

باحث في الشؤون الاقتصادية وله دراسات وتقارير مهنية معمقة تتصل باقتصادات مجلس التعاون الخليجي والاقتصادات العربية بشكل عام. عمل في مؤسسات اقليمية مرموقة منها بنك الكويت الوطني والمعهد العربي للتخطيط، ويعمل حالياً خبيراً في ادارة البحوث في بنك الكويت المركزي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى