ازمة لبنانالاحدث

سنة على اغتيال المدينة (٢٠): يا ويلكم من تلك الساعة | بقلم د. سلام عبد الصمد

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

ماذا بعد فاجعة مرفأ بيروت؟

إنها الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت، انفجار 2750 طناً من نيترات الأمونيوم المخزنة بشكلٍ مخالف لقواعد السلامة في أحد عنابر المرفأ منذ العام 2013. هذا الانفجار الذي أودى بحياة أكثر من 200 شخص، أكثر من ستة آلاف جريح، الذي دمر منازل 300 ألف شخص، الذي ومن فظاعته وصل دويّه إلى لارنكا في جزيرة قبرص، هو كما ورد على لسان الخبراء، واحد من بين أكبر الانفجارات غير النوويّة عالمياً.

سنة ولا يزال اللبنانيون ينتظرون أجوبة لتحديد المسؤوليات التي أدت إلى وقوع الفاجعة. يحيي اللبنانيون اليوم ذكرى مرور عام على انفجار مرفأ بيروت مطالبين بالعدالة ناقمين على المسؤولين يصرخون راجين المحاسبة.

إثر الانفجار وفي العاشر من آب، استقالت حكومة الرئيس حسان دياب. ومنذ ذاك الحين فشل المسؤولون اللبنانيون بالتوصل إلى اتفاق يتيح تشكيل حكومة، ولم تنجح الضغوط الدولية التي مارستها فرنسا خصوصا في تسريع ولادة حكومة، في وقتٍ يشترط المجتمع الدولي أن تقوم أية حكومة بإصلاحات جذرية مقابل تقديم دعم مالي للبنان.

اليوم، وبعد عام على النكبة، لا أجوبة. لا يعرف الناس في لبنان عن الانفجار أكثر مما انتشر من نظريات في الأيام الأولى بعد حصوله، ولا يزال الرأي العام اللبناني بانتظار آخر التطورات بشأن انفجار مرفأ بيروت.

باختصار، نستذكر ما حدث.

مباشرةً وبعد وقوع الانفجار، حضرت فرق تحقيقات أجنبية الى المرفأ، من بينها فريق تحقيق فرنسي وآخر تابع لمكتب التحقيقات الفيديرالي الأمريكي الآف. بي. آي، إلّا أنّ نتائج تلك التحقيقات بقيت سرية، وسُلّمت إلى السلطات القضائية اللبنانية.

انطلق تحقيق رسمي لبناني لكن سرعان ما اصطدم هذا التحقيق بمعوقات، ظاهرها قانوني ودستوري، فيما يرى كثيرون أنّها ليست سوى التفافاً على العدالة وإمكانية المحاسبة. ففي البداية، سُلّم الملف الى القاضي فادي صوان، الذي كُفَّت يده لاحقاً عن القضية، عقب طلبه استجواب رئيس الوزراء في حكومة تصريف الاعمال وثلاثة وزراء سابقين. ليخلفه القاضي طارق بيطار الذي عاد وطلب استجواب نفس الأشخاص وآخرين، من بينهم قادة أمن حاليون وقضاة. حتى الآن لم يتمكّن من استجواب أيٍّ منهم، بعضهم لديه حصانة نيابية لم تُرفع وآخرون يتمتعون بحمايات إدارية. رغم أنّ أية حصانةٍ يقتضي أن تسقط أمام هول جريمة كجريمة تفجير المرفأ.

من هنا، نتمنى نحن كناشطين وخبراء قانونيين، بأنْ يفضي القضاء اللبناني والتحقيقات القائمة إلى نتيجة. ولكن، وللأسف، حيث فَقَدَ الشعب اللبناني أية ثقة بسلطةٍ قتلتْ شعبها، ودمَّرتْ ارضها، كما وأن تاريخ لبنان والسوابق لا تُعطي أملاً بأنَّ التحقيق سيؤول إلى تحقيق العدالة. فما الحل؟ هل ستمرُّ الجريمة من دون عقاب؟ هل سيبقى الفاعل مجهولاً؟ لماذا يُدفع بنا وفي كلِّ مرّة إلى طلب المساعدة القضائية الدولية؟

إنّه، ومن الناحية القانوني، يُعتبر تفجير المرفأ جريمة ضد الإنسانية crime contre l’humanite، ويدخل بالتالي ضمن اختصاصات المحكمة الجنائية الدولية Cour penal international CPI. فهل سنذهبُ مجدّدا للعدالة الدولية؟

نختم فنقول، إن لم تَبان الحقيقة على الأرض، فعدالة السماء بانتظارهم، ورغم أن ضمائرهم في حالة غيبوبة وهم لا يعرفون رباً وديناً، إلا أنّ العدالة آتيةٌ لا محال، ويا ويلهم من تلك الساعة.

لمن فاتته متابعة الأجزاء السابقة:

المحامي د.سلام حسن عبد الصمد

دكتور في القانون الدولي ومحاضر في الجامعات ومعهد المحاماة في بيروت مؤسس ومدير مكتب SALAMAS LAW FIRM مستشار قانوني لمنظمة الأمم المتحدة للاجئين نائب أمين عام منظمة لبنان للأمم المتحدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى