سنة على اغتيال المدينة (٢٧) : ذكرى و رجاء | بقلم الأب طوني بو عساف
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
انفجار في بيروت… الكل يسأل ولا من مجيب… دمار وخراب … أشلاء تطايرت… مستشفيات تعجّ بالمصابين والجرحى والضحايا… سيارات مركونة تحت الركام… غبار وغيوم سوداء تلّف سماء العاصمة… دماء تلوّن الارصفة والبيوت والطرقات… دماء ابرياء تصرخ: قايين قايين لماذا قتلت أخاك هابيل؟؟؟ يترددّد الصوت في الازقة والشوارع… قلق وخوف على مستقبل أسود، وأفق مسدود… امهّات توشحن بالأسود، يتامى يبحثون عن والد شلعته شظايا الركام وقوّة الانفجار… شركاء حياة فقدوا المعنى في غياب جسر البيت وقلبه النابض… باقة من فوج اطفاء بيروت والقوى الامنية والعسكرية علّقت صورهم على جدران الشهادة والبيوت… دموع تنسكب كأمطار الشتاء على وجنات تملك فيهم الحزن والخوف…
في غمرة تلك الأحزان التي رافقت الرابع من شهر آب 2020 يوم انفجر مرفأ بيروت، وفي مشهد الظلام الذي لفّ لبنان، وقفات رجاء وإيمان ومحبّة… وقفات ليست كباقي الوقفات… وقفات فيها من عنفوان الشباب اللبناني وكرمه وأخلاقه وقيمه… وقفات فيها من الإنسانية المنحنية على جراح أناس ماتوا وأصيبوا في ممتلكاتهم وأرواحهم… وقفات فيها من فوق من السماء نعما وبركات روحيّة تتنقلّ من بيت الى بيت ومن مستشفى الى مستشفى… وقفات فيها إنسان يحمل أوجاع أخيه الإنسان، يشاركه رغيف الكرامة والمحبّة والإباء.
وقفات شعب هرع الى المستشفيات ومراكز الصليب والهلال الاحمر اللبناني متبرعًا بدمّ يسري فيه العنفوان والعطاء والتضامن… وقفات شباب وشابات ينطلقون حاملين المكانس والمعاول والرفوش لإزالة ركام من أبنية متصدعة وبيوت مدمرة…
وقفات شعب يمشي في مواكب الشهداء الضحايا، ينثر الورود ويرفع الصلوات في هياكل تحوّل الموت فيها الى رجاء بقيامة وعبور الى الأسمى والأعلى…
وطني ارادوك أشلاءًا متنقلة وعظامًا يابسة، أطلقوا عليك رصاصة ليقتلوك، فجّروا مرفأك، ذلّوا شعبك، حطّموك وسرقوك، ساروا بك على طريق الجلجلة الموصلة الى الصلب فالموت، ولكنّهم لم يدركوا أنّنا شعب القيامة والحياة… شعب الرجاء وقوة المحبّة… في أزمتنا نبتسم وبرب الكون نعتصم… ومع الشاعر اللبناني سعيد عقل نردّد: ” من خطر نمضي الى خطر ما همُّ نحن خلقنا بيتنا الخطر”.
لمن فاتته متابعة الأجزاء السابقة:
- سنة على اغتيال المدينة (١) د. عدنان منصور يكتب: من ٤ آب إلى ٤ آب، تخاذل سلطة وعجز قضاء…
- سنة على اغتيال المدينة (٢): تنهض بيروت فينهض لبنان… وإلّا | بقلم توفيق شومان
- سنة على اغتيال المدينة (٣): في ذكرى الجريمة | بقلم د. حسن احمد خليل
- سنة على اغتيال المدينة (٤): بيروتشيما… انفجار مرفأ بيروت…| بقلم د.أحمد عياش
- سنة على اغتيال المدينة (5): لا حقيقة غير حقيقة الموت في حقول القتل | بقلم د. بيار الخوري
- سنة على اغتيال المدينة (٦): مجدي منصور يكتب لبنان من موطن لوطن
- سنة على اغتيال المدينة(٧): زمن التخبط والضياع، قراءة قانونية للعميد عادل مشموشي
- سنة على اغتيال المدينة (٨) : عام على “بيروت-مونيوم” … نكبة لبنان الحديث !! | كتب د. محي الدين الشحيمي
- سنة على اغتيال المدينة(٩): د. علوان أمين الدين يكتب عن إعادة إعمار المرفأ بين النفوذ والإقتصاد والسياسة
- سنة على اغتيال المدينة (١٠): إضافة الإهانة إلى الأذية | بقلم د. بولا الخوري
- سنة على اغتيال المدينة(١١) : انفجار المرفأ، الفساد يعادل الاحتلال | بقلم قاسم قصير
- سنة على اغتيال المدينة(١٢) : القضاء اللبناني هو صاحب الصلاحية للوصول الى مرتكبي جريمة المرفأ | بقلم المحامي عمر زين
- سنة على اغتيال المدينة (١٣) :التَّداعيات الاقتصادَّية والجيوسياسيَّة لتفجير وجه لبنان | كتب البروفسور مارون خاطر
- سنة على اغتيال المدينة(١٤): 4 آب الحقيقة لم تعد خافية على أحد! كتبت الأميرة حياة ارسلان
- سنة على اغتيال المدينة (١٥) : تفجير المرفأ وتدمير لبنان؟ | كتب أكرم بزي
- سنة على اغتيال المدينة (١٦): لا عاصمة إلا أنتِ | بقلم أميرة سكّر
- سنة على اغتيال المدينة (١٧): مدينة خانتها شجاعة الرحيل | بقلم دلال قنديل
- سنة على اغتيال المدينة (١٨): لا أحد أكبر من بيروت الوطنيّة | بقلم د. رنا منصور
- سنة على اغتيال المدينة (١٩): كي لا ينسوا هم | بقلم حسّان خضر
- سنة على اغتيال المدينة (٢٠): يا ويلكم من تلك الساعة | بقلم د. سلام عبد الصمد
- سنة على اغتيال المدينة (٢١): لبيروت ايضاً بيرمودا | بقلم فؤاد سمعان فريجي
- سنة على اغتيال المدينة (٢٢): بيروت من ضوضاء المدينة إلى أشباحها | بقلم علي الهماشي
- سنة على اغتيال المدينة (٢٣): اليوم المشؤوم في التاريخ | بقلم فريهان طايع
- سنة على اغتيال المدينة (٢٤): لبنان مُصادر في قبضة من اللامسؤولين |بقلم القاضي حسن الحاج شحادة
- سنة على اغتيال المدينة (٢٥): إن غابت عدالة الأرض فعدالة السماء لا تغيب | بقلم المهندس طوني أبي عقل
- سنة على اغتيال المدينة (٢٦): إعادة الاستيلاد على جثث الشهداء | بقلم د. مازن مجوّز