ازمة لبنانالاحدث

سنة على اغتيال المدينة (٢٢): بيروت من ضوضاء المدينة إلى أشباحها | بقلم علي الهماشي

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

بيروت إحدى أهم مراكز الثقافة في الشرق الأوسط ومحطة لقاء الغرب مع الشرق.

هذه المدينة المطلة على البحر التي واجهت عدوان الصهاينة، وصمدت بالحرب الاهلية، وبقت بيروتُ زاهيةً بشوارعها تجعلُ من المتحدثِ عنها يعيشُ أجواءً اُخرى، كانت مدينة اللهو واللعب والجمال رغم الحرب الاهلية وصراع القوى على أرضها في القرن الماضي.

وتحولت الى مدينة الصمود والاستبسال في العقد الاول من هذا القرن وعاشت أجواء الزهو بهذا الانتصار العظيم قبيل كارثة الميناء.

كانت بيروت المدينة التي تستقبل السواح والوافدين، ومدينة الاستثمار فقد كانت بيئتها جاذبة بشكل مختلف عن بقية البيئات التي تستجدي ذلك، وتنفق أموالاً طائلة من أجل التسويق وإقناع رأس المال بذلك، لكن لبيروت أيقونةً خاصةً بها، كان إسمها كافياً لجلب المال الى أسواقها !.

مرت بيروت بمخاضات عدة منذ استقلال لبنان حتى انفجار المرفأ الذي أحدث هزاتٍ اقتصادية وسياسية وبيئية، كانفجار مفاعل نووي ووصل تأثيره الى المستوى النفسي للفرد وللمجتمع .

وكانت أثاره السياسية كبيرة كادت أن تعصف بالبلد، وكأنه كشف المستور، ورفع الغطاء عن مؤسسات الدولة التي كانت تحاول أن تغطي فشلها وعجزها بأمور من بينها تمشية أمور الناس اليومية كمن يغطي قوت يومه من دون خطة ستراتيجية تنقل وضع البلد الى ما هو أفضل. أو تكون مستعدة لادارة الأزمات الطارئة.

قبل الانفجار كانت أزمة شح الدولار وضغط المجتمع الدولي مع انفجارٍ في الشارع البيروتي ينذر بفوضى شعبية جماهيرية غير مسبوقة.

جاء الانفجار الكارثي الذي لم تُكشف حتى هذه اللحظة بتقرير رسمي أسبابه على غرار ما يجري في البلدان ذات القوى المتعددة، التي يحاول فيها كل فريق تسيس القضاء والقدر لصالحه على غرار المثل (إجت من الله ) ورزق ساقه الله لمن يريد الخصومة ويبحث عن الثغرات للنفوذ غير آبه بالحلول الناجحة التي ينتظرها المواطن المتطلع الى شاشات الفضائيات، ومواقع التواصل عسى أن تطل هنا أو هناك بخبرٍ ما يعيد إليه بصيصاً من الأمل كالظمآن في الصحراء يرتو بقطرةِ ماءٍ وان كانت ساخنة.

بيروت لم تحصد الا الكلمات
سارع المجتمع الدولي بعد دعوة الرئيس الفرنسي الى مؤتمر لدعم لبنان بعد كارثة المرفأ، وكان مؤتمراً سريعاً لم يكن بحاجة الى أكثر من تأمين الاتصال عبر الفديو لرؤساء وزعماء وممثلين عن الدول التي أبدت استعدادها لمساعدة لبنان في محنته.

وعلى الرغم من قيادة فرنسا الدولة التي تريد أن تقوم بدور الراعي للبنان، وزيارة رئيسها الى بيروت بعد الانفجار، لكن لبنان لم يحصد الا كلمات التعازي والمساعدات المشروطة والملغمة التي لاتزيد الوضع الا سوءا سيما وأن الوقت كان سريعاً وما جرى كان بحاجةٍ الى حلولٍ سريعةٍ ناجعةٍ تنتشلُ بيروت من الاحتضارِ الى العودةِ السريعةِ للحياة.

لكن المجتمع الدولي كعادته أو هذه الدول لاتستطيع مواجهة أعدائها فتعاقب الشعوب وتتخلى عنه في أزماته الحقيقية.

يبدو أن بيروت محكومة بقدر المواجهة لتشهد بعد ذلك عمن تخلى عنها !.

بيروت قد يبدو عليها حزينة مكسورة كفتاة أُزيح عنها حجابها قسراً، بيإلا أنها ستعود تلملم قواها لتقف من جديد زاهيةً تعلن التحدي لتقول أنا عروس البحر.

لمن فاتته متابعة الأجزاء السابقة:

السيّد علي الهماشي، كاتب عراقي

السيّد علي الهماشي، كاتب عراقي مواليد بغداد، له كتابات سياسية عديدة في الشان العراقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى