ازمة لبنانالاحدث

سنة على اغتيال المدينة (٢٥): إن غابت عدالة الأرض فعدالة السماء لا تغيب | بقلم المهندس طوني أبي عقل

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

“يا ابانا السماوي نضع بين يديك المقدستين لبنان ونقدمه الى رحمتك الإلهية ونسألك يا رب أن ترأف به وتباركه وتبارك شعبه”. (البابا فرنسيس)

في ذكرى إنفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب غصة ودمعة حزن وألم شعب مقهور وسلطه عفنة. انه واقع مدينة بيروت ووطني لبنان! مدينه تاريخها يعود لاكثر من 5000 عام لقبت بأم الشرائع، هذه المدينه التي دُمرت مرات عدة حتمًا ستنهض، حتمًا الحقيقة واضحة، وعلى الرغم من الإجرام الواقع والفساد المنتشر والعدالة المفقودة…. الحق سينتصر.

انها مآسي تتكرر، فقد حدث إنفجار مروع في مرفأ بيروت عام 1934 نتيجة تخزين مواد متفجرة بشكل غير سليم أدى إلى مقتل 20 شخصا وإصابة 14 آخرين ولم يتوصل التحقيق في حينه الى نتيجة.

الآن بعد عام على ذكرى إنفجار آخر من أكبر تفجيرات العالم حيث اهتزت بيروت وجوارها من الصدمة الزلزالية القوية التي اجتاحت مرفأ المدنية وبيوتها وشوارعها، وأوقعت أكثر من 200 ضحية و 6000 جريح.

هنا لا بد ونحن نتذكر أن نوجه التحية إلى أرواح من سقطوا ونقف إجلالا أمامهم وأمام من أصيب وتحمّل العذابات والتضحيات.

لا يزال لبنان يعيش مشلولا ويعيش وشعبه حالة من الذعر ولا يزال التحقيق في الإنفجار غير واضح ولم يعاقب مرتكب واحد لانه في لبنان ليس هناك مسؤول فكل الجالسين على الكراسي غير مسؤولين ولا يرون لهم أي دور في الجرائم التي يرتكبوها هم أنفسهم بحق شعبهم.

وبدل أن تؤسس هذه الكارثة الوطنية لبداية عصر خلاص، كشفت أكثر عن الخلل الوظيفي في اجهزة الدولة وعدم قدرتها على القيام بإصلاحات بنيوية وعدم وجود شفافية في نظام الحكم، لذلك المطلوب حتمًا وفورًا بداية التغيير في هذه الذهنية لتأمين البقاء والاستمرار .

ان كارثة بهذا الحجم، وحسب تقرير البنك الدولي بلغت أضرارها المادية نحو 4 مليارات دولار والخسائر في تدفقات الاقتصاد نحو 3 مليارات دولار في حين تنزع التقديرات القصووية الى رقم خسائر شاملة تتجاوز 15 مليار دولار بضاف اليها 3 مليارات سنوياً كفافد إنتاج.

يحصل ذلك في وقت عصيب يواجه لبنان وشعبه فيه أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية وصحية يستوجب خطة لإعادة الإعمار مدروسة على مستوى الحدث. الأسواأ ان خطة إعادة إإعمار المناطق المنكوبة بعد سنة على الانفجار اقتصرت على مساعدات قدمتها بعض المنظمات الدولية لاصلاح منازل البعض وقيام اخرين وعلى نفقتهم الخاصة بترميم اضرار مساكنهم ومحالهم.

هناك نقطتين لا بد من البحث لهما والتركيز عليهما في اي مشروع لاعادة إعمار المنطقة:

اولًا: إن خطة إعادة إعمار مرفأ بيروت يجب ان تبنى على دراسة خاصة تلحظ الربط بين المدينة والمرفأ لتحقيق التكامل الاقتصادي، فوجود المرفأ ضمن منطقة سكنية تجارية سياحية يوجب اعادة النظر في جميع البنى التحتية من طرقات و شبكات نقل لتامين أفضل الخدمات بين المرفق ومحيطه، مع الأخذ بالاعتبار تطوير المرفأ كشريان اقتصادي حيوي بطريقة تراعي شروط التنمية المستدامة و تحافظ على البيئة وبدء إعادة اعماره في اقرب فرصة ممكنة.

ثانيا: ان خطة إعادة إعمار المدينة يجب أن تحافظ على الإرث العمراني والثقافي والاجتماعي، ولأن الإنفجار الحق أضرارًا جسيمة بعدد من أعرف أحياء مدينة بيروت التاريخية، ولان جشع بعض اصحاب الرساميل يضغط على السكان المنكوبين لبيع ارزاقهم ممتلكاتهم من اجل قيامهم باستثمارات مربحة، وجب ان تقوم الدولة ( للأسف اي دولة نخاطب) بخطة للتعافي الحضري لاعادة البيئة المبنية والبنية التحتية المتضررة الى ظروف ما قبل الكارثة مع اصلاح الخلل الموجود على صعيد البنى التحتية من خلال مخططات شاملة للتعافي الاجتماعي ترسم معالمها الظروف السائدة ما قبل الازمة وما بعدها وتضمن الابقاء على الروابط والعلاقات الاجتماعية بين الناس وتعيد بناء ما تهدم مع الحفاظ على هذا الارث وهكذا نؤمن بعض العدالة للمتضررين، لان السماح بمقاربة اعاده الاعمار باستراتيجيو الصفحة البيضاء التي تمحو ما كان موجوداً ببناء شيء جديد ستؤدى الى تهجير جديد ومزيد من الاضرار.

والآن في الذكرى الأولى للانفجار وبعد هذا التأخير في بدء الأعمال وعدم تحقيق العدالة لإنصاف المظلومين وعدم القدرة للوصول إلى الحقيقة التي تشفي والمصائب المتعددة التي تحل على هذا الوطن ولا خلاص!

نعلن الإيمان بـ عدالة السماء ونردد مع البابا فرنسيس ابتهال لهذه الذكرى.

لمن فاتته متابعة الأجزاء السابقة:

المهندس طوني أبي عقل

المهندس طوني أبي عقل عضو نقابة مهندسي بيروت وناشط نقابي منذ العام ١٩٩٥. عمل في الحقل العام من خلال تدخلات في المجتمع الأهلي والسياسي ويعتبر من قدامى الناشطين في سبيل بناء دولة القانون والانسان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى